دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

واشنطن بوست: مخاوف للأقليات السورية ورئيس يريد دولة مركزية جديدة

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعيش الأقليات الدينية والعرقية في سوريا حالة من القلق المتزايد مع تصاعد موجات العنف في البلاد، في وقت يحاول فيه الرئيس أحمد الشرع، الذي وصل إلى السلطة بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر العام الماضي، فرض نموذج دولة مركزية قوية.
ويقول سكان من الطائفة الدرزية في بلدة عرنة عند سفوح جبل الشيخ إنهم يخشون مغادرة مناطقهم بسبب الاعتداءات والتمييز الذي يستهدفهم، فيما يطالب آخرون بقدر من الحكم الذاتي أو اللامركزية، وهو ما يعكس اتساع الفجوة بين السلطة المركزية والأقليات. وتشمل هذه الدعوات العلويين على الساحل والأكراد في الشمال الشرقي، إلى جانب الدروز في الجنوب.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تمثل تحدياً خطيراً أمام خطط الرئيس الشرع، الذي تعهّد ببناء دولة قوية وموحدة، على غرار ما كانت عليه سوريا قبل الحرب الأهلية. وبينما تحظى رؤيته بدعم من بعض دول الخليج العربي، فإن استمرار أعمال العنف يهدد بانهيار هذه الجهود.
شهدت مدينة السويداء مؤخراً واحدة من أعنف موجات الاضطرابات، حيث قُتل أكثر من ألف شخص، معظمهم من الدروز، في مواجهات دامية اتهمت فيها القوات الحكومية ومقاتلين موالين لها بارتكاب فظائع ضد المدنيين. ولا تزال المدينة معزولة وسط أزمة إنسانية حادة، فيما رفع بعض سكانها شعارات تدعو لتقرير المصير، بل وطلب الحماية من إسرائيل التي صعّدت من تدخلاتها في جنوب سوريا.
في المقابل، استبعد الرئيس الشرع أي حديث عن تقسيم البلاد، مؤكداً أن “الوحدة الوطنية خط أحمر” وأن مرتكبي الانتهاكات سيُحاسبون. لكنه في الوقت ذاته اتهم إسرائيل بمحاولة إضعاف الدولة عبر تدخلاتها العسكرية، خصوصاً في مناطق الدروز.
أما في الساحل السوري، حيث يتركز العلويون، فقد شهدت مدن وبلدات هناك أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل المئات، بينهم جنود ومدنيون. وعمّق ذلك من شعور الاستياء والخذلان داخل الطائفة التي ارتبطت تاريخياً بالأسد ونظامه.
كما يشهد شمال شرق سوريا حالة من التوتر بين قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية والحكومة المركزية، رغم توقيع اتفاق يقضي بدمج مؤسسات المنطقة في الدولة السورية. إلا أن الخلافات حول استقلالية الإدارة الذاتية، إلى جانب استمرار الصدامات مع الفصائل المدعومة من تركيا، تزيد من تعقيد المشهد.
ويرى باحثون أن إصرار الحكومة على فرض السيطرة بالقوة المسلحة يفاقم الأزمات بدلاً من حلّها، وأن البديل يكمن في حوار وطني شامل يضمن تمثيل جميع المكونات. لكن مع استمرار الاضطرابات في الجنوب والغرب والشمال الشرقي، تبقى المخاوف قائمة من انزلاق سوريا نحو مزيد من الانقسامات، وسط شعور الأقليات بأن مستقبلها مهدد أكثر من أي وقت مضى.

المصدر: “واشنطن بوست”