دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

السويداء بين نار الفوضى وممرات الإنقاذ: اتفاق وقف إطلاق نار هش ومقترح “أمريكي” لتدخل قسد

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهدت الساعات الـ24 الماضية تصعيداً كبيراً في حدة الاشتباكات داخل محافظة السويداء، وذلك رغم الإعلان عن اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، تم التوصل إليه بوساطة أميركية ووافق عليه كل من الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. إلا أن هذا الاتفاق سرعان ما انهار بعد دخول جماعات مسلحة جديدة من العشائر وتوغّلها في أحياء المدينة.

أزمة إنسانية.. واشتباكات مستمرة مع وصول مسلحين جدد

في المقابل، تعاني المحافظة من أزمة إنسانية متفاقمة مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي ونقص حاد في المواد الغذائية والطبية ومياه الشرب، إضافة إلى انتشار جثامين المدنيين في الشوارع وعشرات الجرحى الذين لا تستطيع فرق الإغاثة الوصول إليهم. ووجّه سكان المحافظة نداءات عاجلة للمجتمع الدولي للتدخل ومنع وقوع كارثة إنسانية شاملة.

ووسط استمرار تدفق المسلحين من العشائر إلى السويداء، مروراً بالحواجز الأمنية والعسكرية، بل ومن قلب العاصمة دمشق، تبدو الأوضاع بعيدة عن مسار التهدئة، خصوصاً مع تصاعد الحملات الإعلامية التحريضية، المحلية والعربية، وخاصة من السعودية وقطر، والتي يُتهم بعضها بتأجيج الشحن الطائفي وتجاهل خطورة ذلك على السلم الأهلي والاستقرار الوطني.

إعدامات ميدانية.. وعمليات تعفيش على الهواء مباشرة

وخلال يوم السبت، وصلت لشبكة “أوغاريت بوست” عشرات المقاطع المصورة التي أظهرت عمليات إعدام ميدانية بحق مدنيين عزل، بينهم نساء وأطفال وكبار في السن، إلى جانب إجبار 3 شبان على رمي أنفسهم من بناية مرتفعة بعد إطلاق النار عليهم.

كما أظهرت المقاطع مقتل رضيعة وطفلة في العاشرة من العمر، إلى جانب مشاهد للسرقة والتعفيش، وإحراق منازل وممتلكات علناً وعلى الهواء مباشرة عبر القنوات السورية.

“لم يتعرض أحد للعوائل البدوية وهناك من يغذي الفتنة”

وقال شهود عيان من داخل المدينة تواصلت معهم شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية إن السويداء غارقة في ظلام دامس منذ أكثر من أسبوع، في ظل انعدام الكهرباء والدواء والغذاء، مؤكدين أن هناك جهات حرّضت على الفتنة ودفعت للاقتتال الداخلي، ورافضين في الوقت ذاته اتهام أهالي السويداء أو فصائلها بالتورط في أي أعمال انتقامية ضد العشائر، مشيرين إلى علاقات تاريخية وأواصر أخوة عميقة تربط الطرفين منذ عقود طويلة.

وأشارت مصادر ميدانية إلى توافد مستمر لأرتال مسلحة إلى المحافظة، مؤكدة أن هناك عمليات تبديل دورية بين المجموعات، حيث تصل كل مجموعة جديدة لتتولى محاولة اقتحام أحياء جديدة.

“مراحل تطبيق اتفاقية وقف إطلاق النار”

من جهتها، تحدثت وزارة الداخلية السورية عن مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، والتي نصّت المرحلة الأولى منه على “فض الاشتباكات بين المجموعات المسلحة وقوات العشائر”، تمهيداً لاستعادة الاستقرار وإطلاق سراح المعتقلين والمحتجزين.

أما المرحلة الثانية فتقضي بـ”تشكيل لجنة طوارئ من وزارات وهيئات حكومية مختلفة” لتسريع إدخال المساعدات والخدمات الأساسية وإصلاح البنية التحتية.

فيما تتضمن المرحلة الثالثة “عودة تدريجية لمؤسسات الدولة وانتشار قوات الأمن الداخلي في كامل المحافظة” بما يضمن فرض القانون تحت إشراف الدولة.

الشرع يتعهد بحماية المدنيين.. “الوضع في السويداء كاد أن يفجر الجنوب”

الرئيس أحمد الشرع، وفي أول خطاب له عقب إعلان وقف إطلاق النار، حذّر من خطورة الوضع في السويداء، مؤكداً أن الأوضاع كانت على وشك الانفجار لولا تدخل الدولة. وأشار إلى أن غياب مؤسسات الدولة في الجنوب أسهم في تفاقم الأزمة، محذراً من مخاطر استقواء بعض الأطراف بالخارج، ما قد يؤدي إلى تعقيد المشهد برمّته.

كما جدّد التزام الدولة بحماية جميع المكونات السورية من أي انتهاك، سواء داخل السويداء أو خارجها، مشدداً على ضرورة فرض القانون وتحقيق العدالة.

الإدارة الذاتية مستعدة لفتح “ممر إنساني” لإيصال المساعدات إلى السويداء

ومع تصاعد الأزمة الإنسانية، أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا مجدداً استعدادها لفتح ممر إنساني لإيصال المساعدات إلى السويداء. ودعت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية، إلهام أحمد، في تدوينة عبر منصة “إكس”، الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى التدخل العاجل، معبرة عن قلقها البالغ إزاء الأوضاع الإنسانية المتدهورة نتيجة الحصار المفروض على المدينة.

“الخطة ب”: “مقترح أمريكي أساسه قسد معقد ولكن غير مستحيل”

وفي ظل تعثّر التهدئة، بدأ الحديث عن تطبيق “الخطة ب” في السويداء، والتي تتضمن إمكانية مشاركة قوات سوريا الديمقراطية في ضبط الوضع الأمني، من خلال إنشاء منطقة فصل بين الفصائل المتقاتلة.

وفي هذا السياق، نشر المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وليد فارس، تدوينة على منصة “إكس” تحدث فيها عن أن “الخطة ب” باتت ممكنة، وتتمثل بنشر قوات قسد ضمن محيط المناطق الدرزية، لمنع التدهور وخلق منطقة عازلة، بدعم مباشر من القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم).

وأضاف فارس أن تنفيذ الخطة يمكن أن يتم من خلال تفاهم أُبرم بين الرئيس أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، بحيث تعمل قوات قسد في محيط السويداء بتفويض شكلي من الحكومة، وتساهم في تهدئة النزاع. كما أشار إلى إمكانية مرافقة وحدات أميركية استكشافية لقسد من البوكمال عبر التنف وصولاً إلى السويداء، مؤكداً أن تنفيذ الخطة رغم تعقيدها ليس مستحيلاً.

وبين هشاشة الاتفاقات وتفاقم الكارثة الإنسانية، تقف السويداء اليوم على مفترق طرق حاسم. فإما أن تُفتح بوابات الحل عبر تدخل دولي مدروس وخيارات بديلة تنقذ الأرواح، أو تُترك المحافظة رهينة الفوضى والتحريض والدمار، ما يهدد ليس فقط أمن الجنوب، بل وحدة واستقرار سوريا بأكملها.

 

إعداد: علي إبراهيم