أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – قالت الإعلامية والناشطة السورية إنصاف سليطين إن الساحل السوري ما زال جريحًا، تحت وقع المجازر، وسط استمرار تغييب العدالة والمحاسبة، والامعان في الاقصاء والتهميش والافقار الممنهج. مشيرة إلى اختطاف أكثر من 80 امرأة وفتاة حسب توثيقات بعض المصادر الأهالي واللجان الحقوقية. وأوضحت أو تقرير منظمة العفو الدولية فيما يخص خطف النساء من الساحل يعتبر مرجعاً قانونياً وأخلاقياً في أي محاكمة مستقبلاً.
هذه التصريحات أدلت بها الناشطة إنصاف سليطين في حوار خاص مع شبكة أوغاريت بوست عبر الانترنت، وأضافت أنه هناك دلائل قوية تشير إلى نقل المختطفات إلى إدلب ومناطق تركية عبر شبكات تهريب وفدية، مما يضع القضية تحت تصنيف “الاتجار بالبشر” أو “خطف ممنهج على خلفية طائفية”.
وأكدت إنصاف سليطين أن الإفلات من العقاب، يؤسس لترسيخ شريعة الغاب وتكرار المجازر تجاه نفس المكونات أو توسعة دائرة المستهدفين، وربما في مناطق أخرى وارتفاع وتيرة الفوضى المرشحة دائما للخروج عن السيطرة، مضيفةً بأنه يجب على السلطة الحالية أن تدرك أو تستدرك لتغيير النهج تجاه الداخل بدلاً من تقديم الهدايا المجانية للخارج مقابل منحها الشرعية.
وفيما يلي نص الحوار الكامل:
1- كيف هي الأوضاع في الساحل السوري بعد مرور أكثر من 4 أشهر على الأحداث الدامية التي شهدتها المنطقة ؟
منذ حملة التطهير العرقي ٦- ٩ آذار 2025، يعيش الساحل السوري (خاصة اللاذقية وطرطوس) تحت صدمة كبيرة وحالة خذلان جمعي جراء عملية تطهير طائفي حاول العلويون تجنبها من خلال تسليم السلاح ومبايعة السلطة الانتقالية، بايعوها مقابل الأمان فحصدوا مجازر التطهير العرقي.
وفق تقرير لجنة التحقيق المستقلة برئاسة بينيرو (15 تموز 2025)، فقد تم توثيق مقتل أكثر من 1,426 مدنيًا علويًا، بينهم نساء وأطفال، خلال أسبوع واحد فقط في آذار.
رويترز (30 حزيران 2025) وثّقت ما وصفتها بـ”مجزرة منظمة” ضد العلويين في الساحل، جرت بتخطيط لوجستي ودعم عسكري، مع حالات إعدام ميداني وتفجير منازل.
منظمة العفو الدولية وصفت في تقريرها الصادر في 28 تموز 2025 الوضع بأنه لا يزال هشًا جدًا، مع استمرار حالات اختفاء قسري وخوف دائم لدى الأهالي من تكرار الهجمات.
بالمحصلة: الساحل السوري بعد أكثر من 4 أشهر ما زال جريحًا، تحت وقع المجازر، وسط استمرار تغييب العدالة والمحاسبة، والامعان في الاقصاء والتهميش والافقار الممنهج.
2- هل لديكم معلومات موثقة عن حالات اختطاف النساء من الساحل السوري ومصيرهن ؟
بعد 7 آذار 2025، تصاعدت وتيرة اختطاف النساء العلويات بشكل منهج .. المصادر الأهلية واللجان الحقوقية تتحدث عن أكثر من 80 امرأة وفتاة مغيبة قسرا، غير الحالات التي تعيق التقاليد الاجتماعية الأسر المحافظة في الكشف عنها، بحسب الأهالي. لكن دعنا نستند فقط إلى التقارير الدولية المعتمدة التي لا يمكن التشكيك بمعاييرها الدقيقة.
منظمة العفو الدولية في تقريرها (28 تموز 2025) وثّقت 36 حالة مؤكدة لاختطاف نساء وفتيات علويات، بعضهن دون سن الـ13، من اللاذقية وطرطوس.
لجنة التحقيق المستقلة بالأمم المتحدة أعلنت في 27 حزيران 2025 توثيقها اختطاف 6 نساء علويات على الأقل، دون معرفة مصيرهن، مع استبعاد “أسباب جنائية فردية” واعتبار الخطف جزءًا من الحملة الطائفية.
رويترز (27 حزيران 2025) نشرت شهادات حصرية عن فتيات خُطفن من مداخل بيوتهن، وابتُزّت عائلاتهن عبر وسطاء ماليين مقابل فدية.
الاتحاد الأوروبي ومجلس حقوق الإنسان ذكرا في بيانات متطابقة (نيسان – حزيران 2025) أن “استهداف النساء على أساس مذهبي يشكّل جريمة ضد الإنسانية”.
3– هل فعلاً تم توثيق بيع النساء المختطفات في إدلب أو تركيا أو مناطق أخرى ؟
التقارير الدولية لم تُستخدم فيها كلمة “بيع” صراحة، لكن توثيقات الفدية والنقل القسري واضحة:
رويترز (27 حزيران 2025) أكدت أن بعض المختطفات تم نقلهن إلى مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (إدلب)، وأن عمليات التفاوض على الفدية كانت عبر وسطاء مقيمين في تركيا.
تقرير لجنة الخبراء بالأمم المتحدة (تموز 2025) أشار إلى أن بعض الفتيات خُطفن ثم نُقلن عبر معابر غير شرعية إلى خارج الساحل، دون أثر منذ ذلك الحين.
منظمة العفو الدولية وصفت بعض هذه الحالات بـ”الاختفاء القسري العابر للحدود”، مع تسجيل تحويلات مالية دولية لعائلات الضحايا مقابل معلومات غير دقيقة عن مصير بناتهن.
الخلاصة: هناك دلائل قوية من تقارير أممية وميدانية تشير إلى نقل المختطفات إلى إدلب ومناطق تركية عبر شبكات تهريب وفدية، مما يضع القضية تحت تصنيف “الاتجار بالبشر” أو “خطف ممنهج على خلفية طائفية”.
4- ما أهمية تقرير منظمة العفو الدولية بخصوص خطف النساء في الساحل ؟
التقرير الصادر في 28 تموز 2025 هو تقرير من منظمة دولية غير سورية وثق رقميًا وميدانيًا اختطاف النساء العلويات.
يتميز التقرير بأنه:
اعتمد شهادات مباشرة من الأهالي .. دعا السلطة الانتقالية في دمشق إلى تحقيق عاجل وشامل .. أكد أن الهجمات لم تكن عشوائية، بل استهدفت فئة ديموغرافية محددة (العلويات) .. صنّف الخطف على أنه خرق للقانون الدولي الإنساني وجريمة محتملة ضد الإنسانية.
بحسب أمنستي، فإن “سكوت السلطات الجديدة وغياب أي محاسبة يشكل مشاركة غير مباشرة في استمرار الإفلات من العقاب”.
جوهر أهمية التقرير تكمن في كونه مرجعًا قانونيًا وأخلاقيًا في أي محكمة مستقبلية.
5- لماذا لا تستطيع منظمات نسائية محلية توثيق حالات الخطف ورفع تقارير للجهات الدولية ؟
منظمة العفو الدولية ورويترز ولجنة الخبراء بالأمم المتحدة أشاروا إلى الأسباب التالية:
قمع المنظمات المحلية من قبل جهات الأمر الواقع.
خوف الضحايا وذويهم من الانتقام أو التشهير، خاصة في المجتمعات المحافظة.
غياب الثقة في النظام القضائي الجديد، الذي لم يفتح أي ملف رسمي عن اختفاء النساء حتى اليوم.
رفض هيئة تحرير الشام والسجلات الأمنية في إدلب التعاون مع أي جهات توثيق محايدة.
في حالات عديدة، بحسب تقرير الأمم المتحدة في تموز 2025، كانت منظمات نسوية محلية تتعرض للتهديد أو المنع من التواصل مع الضحايا أو نقل الشهادات.
6- هل تقرير لجنة تقصي الحقائق كان منصفاً ؟
التقرير اعتبر الأحداث “ردود أفعال انتقامية وثأرية وليست حملة طائفية”.
أنكر تمامًا حصول حالات اختطاف نساء، رغم التقارير الأممية والإعلامية.
اعتمد على شهادات انتقائية لشهود ووسطاء محليين معرفين لهم.
استبعد التوثيقات الصادرة عن العفو الدولية والأمم المتحدة، رغم أنها كانت متاحة وقتها.
وفق تقييم مشترك لمنظمة هيومن رايتس ووتش ومجلس حقوق الإنسان (تموز 2025)، فإن التقرير “يفتقر إلى الحياد والمنهجية، ويتجاهل عن قصد السياق الطائفي، ويشكل محاولة لتبرئة الفاعلين بحجة الفوضى”.
7- إلى أين تتجه سوريا برأيك ؟
إذا لم يُحاسب المسؤولون عن مجازر الساحل ومجازر السويداء وحملات التطهير العرقي بما فيها جرائم خطف النساء، في كل منهما، واستخدام الفزعات والنفير العام كأداة ضاربة ترفعها السلطة متى أرادت .. فإن سوريا تتجه إلى:
دورة جديدة من الإفلات من العقاب، تؤسس لترسيخ شريعة الغاب وتكرار المجازر تجاه نفس المكونات أو توسعة دائرة المستهدفين، وربما في مناطق أخرى وارتفاع وتيرة الفوضى المرشحة دائما للخروج عن السيطرة.
أيضا هشاشة مستمرة في المصالحة الوطنية، لأن تجاهل التهديدات الوجودية لمكونات أساسية تعرضت للتطهير العرقي (العلويين وبني معروف) لا يمكن أن يؤسس لحالة مستقرة، غياب الثقة ستظل جمرا تحت الرماد.
غياب الثقة الذي يترسخ أكثر ويتحول شيئا فشيئا إلى عزل ذاتي صامت، في مناطق عديدة، نتيجة الظلم وعدم إنصاف الضحايا. وإشاعة الخوف، والاستخدام المفرط للعنف واعتماد الفزعات والنفير العام ضد المكونات، كل هذا يهدد تماسك المجتمع ككل.
نحن اليوم بحاجة معجزة حقيقية وإدراكا واستدراكا من قبل السلطة لتغيير هذا النهج تجاه الداخل .. لاسيما مع ما يتمظهر أكثر من ابتزاز دولي متصاعد، من قوى دولية لها اطماع في سوريا تحقق مصالحها على حساب الشعب السوري عبر ممالأة السلطة التي تنتهج الإنكار والتسويف بالقضايا الداخلية المصيرية والمسارعة إلى تقديم الهدايا المجانية الخارج مقابل منحها الشرعية.
الوضع معقد والتأخر في المعالجة يزيده تعقيداً.
حوار: وائل عبدالرحمن
المصدر: أوغاريت بوست